حماية المستهلك في الإسلام Reviewed by Momizat on . حماية المستهلك في الإسلام المستهلك هو من يستعمل المنتجات لإشباع حاجات إنسانية، سواء أكان الشيء موضوع الاستهلاك مما يفنى باستعمال واحد، كالمأكول، والمشروب، والدو حماية المستهلك في الإسلام المستهلك هو من يستعمل المنتجات لإشباع حاجات إنسانية، سواء أكان الشيء موضوع الاستهلاك مما يفنى باستعمال واحد، كالمأكول، والمشروب، والدو Rating: 0

حماية المستهلك في الإسلام

حماية المستهلك في الإسلام

المستهلك هو من يستعمل المنتجات لإشباع حاجات إنسانية، سواء أكان الشيء موضوع الاستهلاك مما يفنى باستعمال واحد، كالمأكول، والمشروب، والدواء، أو كان مما لا يفنى إلا باستعمالات متعددة، متتابعة، عن طريق الاندثار الجزئي، كالملبس، ووسيلة النقل والمشاهد والصور،في الواقع أو في وسائل الإعلام وغيرها.

وحماية المستهلك، تعني استعمال المجتمع المسلم لوسائل شرعية تحفظ مصلحة المستهلك، الآنية والمستقبلية، في المواد، وفي جميع السلع والخدمات.

 وفي هذا السياق حرصت الحضارة الاسلامية على توفير الحماية اللازمة للمستهلك في كل المجالات، في إطار هذا التصور الواسع، يمكن معالجة حماية المستهلك من خلال ما يلي:

 حماية مستهلك السلع والخدمات تتم حماية المستهلك للسلع والخدمات على مستويين: مستوى الإنتاج، ومستوى التسويق:

 أ ـ  فعلى مستوى الإنتاج يحمى المستهلك بتوفير الجودة في المنتج، وذلك لجنس الاختيار في المواد الخام، وباتقان التركيب والعمل الإنتاجي المتصل به، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» رواه أبو يعلى والبيهقي.
ويساعد على تحقيق الجودة توخي الإيمان في العامل، والخلق الاسلامي الرفيع، الذي يرفع العمل إلى مستوى العبادة لله تعالى، فيرتبط العامل بالله عز وجل، قبل أن يرتبط بالمشغل، يضاف إلى ذلك الاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي، حتى يتم تدعيم الجودة بالاختصار في الزمن اللازم للإنتاج، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض عدد الساعات اللازمة للانتاج، والتي هي إحدى مقومات السعر أو الثمن، وقد حث الرسول (صلى الله عليه وسلم) على أن ينفع المنتج الناس عن طريق تخفيض الكلفة، ومن ثم تخفيض السعر: (خير الناس أنفعهم للناس) السيوطي في الجامع الصغير.
من جهة أخرى، تتم حماية المستهلك على مستوى الإنتاج بتجنب التمويل الربوي الذي يرفع دائماً من كلفة السلعة المنتجة، لأن سعر الربا أو الفوائد البنكية يتحملها في النهاية المستهلك، فيتعرض للظلم.
ب ـ  أما على مستوى التسويق: فحماية المستهلك للسلع والخدمات تتم من خلال طبيعة السوق الإسلامية، ومن خلال عدة ضوابط شرعية

 طبيعة السوق الإسلامية

 طبيعة السوق الإسلامية أنها سوق حرة، ليس فيها احتكار، لا في السلع، ولا في المعلومات عن الأسعار، لأن الاحتكار جريمة اقتصادية، حيث يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين إلا خاطئ» رواه أحمد في مسنده.
إن حرية السوق في الإسلام هي حرية منظمة بقواعد الشريعة التي تمثل شرط الله تعالى. فلا يدخل هذه السوق سلع محرمة، كالخمر، ولحم الخنزير، والتماثيل، والقروض الربوية، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «إن الله ورسوله حرما بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام» البخاري ومسلم.
وكذلك للتداول آداب ملزمة، يجب على أطراف التداول مراعاتها بدقة، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: «لا يسوم المسلم على سوم أخيه» أخرجه مسلم و«لا يبع الرجل على بيع أخيه» أخرجه النسائي.
وتخضع السوق لرقابة السلطة، لأن الدولة في الإسلام هي دولة العقيدة، عليها أن تراقب التزام الناس لمقتضيات العقيدة في الحياة اليومية على المستوى الاقتصادي وغيره.
بهذه الحرية المنظمة مسبقاً، والمراقبة لاحقاً، تفسر النصوص الواردة في منع تحديد الأسعار، وفي جوازه، فقد طلب إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يسعر السلع والخدمات في سوق المدينة، فأبى، وقال: «إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال» ابن ماجة.

الضوابط الشرعية

 وضع الإسلام عدة ضوابط تحمي الثقة، والتوازن بين أطراف التداول:

 منع الغرر

 قال أبو هريرة رضي الله عنه : «نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن بيع الغرر». والغرر: الشيطان، يغر الناس بالتمني والمواعيد الكاذبة. قال ابن عرفة: «الغرور ما رأيت له ظاهرا تحبه، وفيه باطن مكروه أو مجهول. والشيطان غرور، لأنه يحمل على محاب النفس، ووراء ذلك ما يسوء. قال: ومن هذا بيع الغرر، وهو ما كان له ظاهر بيع يغر وباطن مجهول» (3).
ومن أمثلة الغرر بيع السمك، وهو في ماء البحر، لم يصطد بعد، ومنها كذلك ما يسمى ضربة الغائص، حيث يبيع مستخرج الجواهر واللآلئ ما يمكن أن يستخرجه منها في إحدى الغوصات إلى مواقعها بقاع البحار، فقد يستخرج القليل، وقد يستخرج الكثير، وقد لا يستخرج شيئاً، وقد ورد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه «نهى عن ضربة الغائص» ابن ماجة. وهو أن يقول الغائص في البحر للتاجر: أغوص غوصة فما أخرجته فهو لك .

 تقديم العارض للبيانات الكافية

 حول موضوع التداول، يجب تبيين نوعه، وصفاته المميزة، وكميته، وتخرجه من الجهالة، بحيث يتم التراضي عليه عن بينة تامة، وفي هذا الإطار نهى النبي (صلى الله عليه وسلم)، عن الملامسة والمنابذة، قال الإمام مالك: «والملامسة: أن يلمس الرجل الثوب، لا ينشره، ولا يتبين ما فيه، أو يبتاعه ليلاً، ولا يعلم ما فيه، والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه، وينبذ الآخر إليه ثوبه، على غير تأمل منهما، ويقول كل منهما للآخر: هذا بهذا» (5).
ومن الواضح أن البيانات يجب أن تكون صادقة، لا كتمان فيها للعيوب، ولا كذب ولا دعاية مضلة، مشفوعة بالتأكيدات والأيمان الكاذبة، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) «المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً، فيه عيب، إلا بينه» أخرجه ابن ماجة.

ـ  البعد عن وسائل فقدان الثقة بين أطراف التداول: يحمى المستهلك بوجوب الابتعاد عن وسائل فقدان الثقة، وفي هذا السياق حرم الاسلام الغش في موضوع التداول، حتى يكون هذا الموضوع على حقيقته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مر برجل يبيع طعاماً، فسأله: كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحي إليه: أن أدخل يدك فيه، فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «ليس منا من غش» أخرجه أحمد.

الفرق بين الغش والتدليس

 أن الغش يكون سابقاً على عرض السلعة للتداول، كخلط اللبن بالماء قبل الدخول به إلى السوق، أو لاحقاً في مرحلة الوفاء، كمن يتعاقد على بيع تمر جيد، فإذا به عند الوفاء يقدم تمراً رديئاً، أو خليطاً من جيد ورديء، بينما التدليس هو خديعة مصاحبة للتداول.
ومن الغش التغيير في المقاييس من الموازين والمكاييل، عن المقاسات الشرعية المعروفة، أو النقص فيها عند البيع، والزيادة عند الشراء، مما يعرف بالتطفيف يقول تعالى: {وأوفوا الكيل إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم} (الإسراء ـ  35).
وفي السياق نفسه، حرم الاسلام التلاعب بالأسعار عن طريق النجش، وهو أن يزيد الشخص في ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، إنما يريد فقط أن يدفع الآخرين لشرائها، أو لقبول الثمن المرتفع المطلوب فيها، وقد يكون ذلك بتواطئ بين البائع والناجش.

 منع الوساطة غير المنتجة

 وجد الرسول (صلى الله عليه وسلم): أن المنتجين بالبادية يأتون بمحصولهم إلى المدن، ليبيعوا بضائعهم، مقابل جزء من الثمن متفق عليه، فنهى (صلى الله عليه وسلم)، عن ذلك وأمر المنتجين أن يبيعوا محصولهم مباشرة، لأن ما يؤدي للوسيط يثقل كاهل المستهلك، قال (صلى الله عليه وسلم): «لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» أخرجه مسلم.

منع بيوع الاضطرار

 وقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) «عن بيع المضطر» السيوطي وأبو داوود.
هذا يكون من وجهين: أحدُهما أن يُضطَر إلى العقد عن طريق الإكرَاه عليه، وهذا بيع فاسدٌ لا ينعقد، والثاني أن يُضطر إلى البيع لِدَين رَكِبَه أو مؤونة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس للضَّرورة، وهذا سبيله في حقِّ الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه ولكن يُعان ويُقرض إلى الميسرة، أو تُشترى سلعته بقيمتها، فإن عُقِد البيع مع الضَّرورة على هذا الوجه صحَّ ولم يُفسَخ مع كراهة أهل العلم له.
ومعنى البيع ها هنا الشراء أو المُبايَعَه، أو قبول البيع.
وبالتالي يكون شخص ما مضطراً إلى سلعة أساسية غير متوفرة في السوق إلا عند عارض واحد، ويحس العارض بحالة الضرورة التي يعانيها الطالب للسلعة، فيفرض عليه ثمناً أعلى من السعر المعقول، استغلالاً للمستهلك دون وجه حق، ودون إحساس بالأخوة الاسلامية والإنسانية.

 

    مجلة الوعي الكويت

بقلم الكاتب:  د. مصطفى عبد السلام ـ مصر

© 2014 Powered By imad-mojahid

FrenchMorocco
الصعود لأعلى