حدثا قانونيا بارزا في بلادنا طموحا لإقرار ميكانيزما
مرتبطة بالعرض والطلب وكذا تحقيق اقوم استخدام
لمفاهيم المنافسة الحرة.
ان القاريء المتمعن للقانون المشار اليه أعلاه يستشف من خلال الديباجة انه يهدف الى تحديد الأحكام المطبقة على حرية الاسعار والى تنظيم المنافسة وتحدد
فيه قواعد حماية المنافسة قصد تنشيط الفاعلية الاقتصادية وتحسين رفاهية المستهلكين ويهدف كذلك
الى ضمان الشفافية والنزاهة في العلاقات التجارية
ان الارتفاع الهام لاثمنة عدد كبير من المواد والبضائع
والسلع والخدمات جعل المستهلك يتساءل عن الأجهزة
الموكول لها القيام بعمليات المراقبة والبحث وهو مايجعلنا نطرح هذا الموضوع من الزاوية القانونية حتى
يكون على بينة من بعض مقتضياته المرتبطة بمجال حماية المستهلك آملين الاجابة عن بعض الأسئلة التي
تطرح من طرف عدد من القراء الكرام فإلى اي حد
أخد القانون الجديد بعين الاعتبار مصالح المستهلكين؟
وهل أفاد المستهلكين من خلال مفاهيم حرية الاسعار و
المنافسة.
لاشك اننا امام إشكالية مرتبطة اساسا بمساءلة القاعدة القانونية في حد ذاتها:هل القانون وضع اصلا
لخدمة المستهلك ام لتحسين صورة الاقتصاد الوطني وجعله متناغما مع الاقتصادي العالمي بفعل انخراطه
في منظومة الاقتصاديات الحرة؟؟
ان القراءة المبسطة لقانون 06-99 المتعلق بحرية الاسعار والمنافسة ومرسومه التطبيقي رقم 254-00-2 الصادر في 28جمادى الثانية 1422(17شتنبر01
يجعلنا نلاحظ هذا البون الشاسع بين مفهوم حماية المستهلك كالية قانونية نظرية وبين مفاهيم تطبيق المنافسة الواقعية في السوق بمفهومه الاقتصادي أوفي جزء منه.
قراءة مختزلة لقانون حرية الاسعار والمنافسة وعلاقته
بالمستهلك.
بالرجوع الى القانون المشار اليه يتبين انه يتغيأ الى:
تحديد الأحكام المطبقة على حرية الاسعار
-تنظيم المنافسة الحرة
– ضمان الشفافية والنزاهة في العلاقات التجارية
والهدف الاساسي من وراء ذلك هو:
– تنشيط الفاعلية الاقتصادية
– تحسين رفاهية المستهلكين
إن الصياغة العامة لديباجية القانون تجعلنا أمام طرح أدبي إنشائي أكثر منه قانوني يمتح من مفاهيم الوضع الاقتصادي القائم و الذي يجعل المسافة بعيدة بين الصياغة النظرية و الصياغة الواقعية و هو ما يجعلنا نسائل النص القانوني: هل أدبيات النص بقانوني تجعلنا أقرب إلى ديباجة تنميق المفردات منها إلى قراءة قانونية فماذا يعني النص القانوني تحسين رفاهية المستهلكين.
نشير في البداية إلى أن المشرع أحسن صنعا حيث تكلم عن المستهلك و في هذا الصدد لا بد من استحضار القانون السابق 008.71 المتعلق بتنظيم الأثمان و مراقبتها و الذي كان يتكلم عن المشتري و يستدعي موضوع البحث إلى استدراك صورة العلاقة بين القانون المشار إليه أعلاه و بين المستهلك و هو ما يجعلنا مرة أخرى التأكيد أن القانون إجمالا يشرع ليس لكي يكون ندا للمجتمع و إنما هو وسيلة لخدمة الأفراد و المجتمع و من ثم فإن البحث ينطلق من هذا المنحى محاولين تجسيده وفق قالب نظري كما أشير إليه في موضوعنا هذا.
_ العلاقة بين قانون حرية الأسعار و المنافسة و المستهلك.
لم يعد الحكم على مدى نجاعة قانون حرية الأسعار و المنافسة مسألة وقت و قد مرت اكثرمن عشرسنوات على إصداره لذلك فإنه كان المؤمل فيه هو النهوض بالاقتصاد المغربي و ذلك بالنظر إلى أهدافه التي أجملناها سابقا و أكيد أن قانون حرية الأسعار و المنافسة تكلم في ديباجة القانون على رفاهية المستهلكين و في عنوان الفصل الأول من الباب السادس حيث أشار إلى “حماية المستهلكين و إعلامهم” لكن للأسف الشديد فإن هذه العلاقة أي علاقة القانون و المستهلك من الناحية الواقعية يطبعها كثير من التباعد بل و التنافر في أحيان عديدة باعتبار أن موضوع القانون هو حماية المنافسة و ليس حماية المستهلك و دليلنا على ذلك أن إشارة القانون للمستهلك جاء من باب أن هذا الأخير هو العامل المساعد لتنمية المنافسة وفق اختياراته و رشده في هذا الاختيار الذي يؤدي إلى تطوير المنافسة.
إن وجود مقتضيات تهم مباشرة حماية المستهلكين و إعلامهم و ذلك وفق الباب السادس التي اعتبرها ممارسات مقيدة تشير إلى وجوبية إعلام المستهلك و وجوبية تسليم الفاتورة أو ما يقوم مقامها و هو ما سنشير إليه في المبحث الأول ثم الممارسات التمييزية
و التي تمس بشكل مباشر المستهلك و هو موضوع مبحثنا الثاني.
_ إعلام المستهلك
الوجوبية التي أشار إليها المشرع من خلال المادة 47 من قانون حرية الأسعار و المنافسة أشارت بموضوح على أنه ” يجب على من يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن طريق وضع علامة أو ملصق أو إعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بالأسعار و بالشروط الخاصة للبيع أو لإنجاز الخدمة و في المنطق القانوني فإن هذه الوجوبية تدخل في خانة الالتزام الذي يقابله الجزاء، و انطلاقا مما سبق فإن المشرع و لسد أي فراغ في هذا الباب فقد اعتبر هذا الوجوب بمثابة الإدلاءبالمعلومات وفق الطريقة المشار إليها(علامة – ملصق…)
و يهدف المشرع من وراء ذلك:
– الشفافية و الوضوح التام بين مختلف العارضين للمواد و الخدمات و الطالبين لها.
– حرية تكوين الأسعار و الشروط الخاصة للبيع أو إنجاز الخدمة.
– إن حرية الاختيار وفق هذه المادة تصبح سهلة نظريا فهي تتيح للمستهلك إختيار البضاعة أو الخدمة التي يريد في أحسن الظروف و لعل هذا ما يسمح القول بأن حماية المستهلكين جاءت لتزكية مفهوم تحسين العلاقة بين الجودة و ثمن البضاعة أو المنتوج و بالتالي يصبح المستهلك مساهما في تنمية المنافسة و يلعب الدور المؤدي إلى تطويرها إن هو أحسن الاختيار، و بالتالي يصبح السؤال مرتبطا بأي مدى نتكلم عن حماية المستهلكين ما دام أن هذا الأخير يصبح القنطرة التي تمر عليها القاطرة باعتبار أن المستهلك هو من يصبح المعول عليه في حماية المنافسة الحرة و ليس العكس.
إن منطق القول يشير بوضوح أن موضوع هذا القانون هو حرية الأسعار و حرية المنافسة و أن المستهلك في آخر المطاف ما هو إلا حلقة ضعيفة أشير إليه من باب توضيح مفاهيم المنافسة و لم يغفل المشرع الإشارة ضمن نطاق المادة 48 ألى الفاتورة و التي نصت ” يجب على من يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يسلم فاتورة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامها إلى كل مستهلك يطلب ذلك ” نعتقد جازمين أن المشرع من خلال هذه المادة أضفى صبغة الوجوبية على هذه العملية، و ذلك من خلال اعتبارها إجبارية في بعض القطاعات و نعتقد أن المشرع أحسن صنعافي إدراج هذه المادة ضمن نطاق مفهوم حماية المستهلكين و إعلامهم و اعتبرها من مشمولات الممارسات المقيدة للمنافسة و مع ذلك يجب التأكيد أنه من الناحية الواقعية ما زالت هذه المادة تعرف اجترارا و غموضا يفضي في النهاية إلى وضع التساؤل حول الشروط الواردة ضمن الفاتورة و في الطبقة الأصلية لها و هي في الأصل شروط قد تكون تعسفية كان يشار في المستندات اللاحقة بالفاتورة إلى كيفية اقتناء البضاعة…
_الممارسات المحظورة
عمد المشرع و ضمن نطاق الممارسات المقيدة للمنافسة إلى وضع تصور آخر للممارسات التي يحظر القيام بها و تصور واضعو القانون إن هذا الحظر يدخل في نطاق الامتناع أو التوقيف و هو ما أشارت إليه المواد49 و 50 من قانون حرية الأسعار و المنافسة، و بالتأكيد فإن هذه الممارسات في أحد جوانبها تلامس المستهلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة بل و تجعل المستهلك في موقع المستفيد من المنافسة فحظر الامتناع عن بيع منتوج أو تقديم خدمة إلى المستهلك بدون سبب مقبول قد يضر بصيغة مباشرة و في الصميم المستهلك و توقيف بيع منتوج على شراء كمية مفروضة أو على شراء منتوج آخر أو على تقديم خدمة أخرى في آن واحد قد يكون سببا معقولا في عرقلة المنافسة و الإضرار بالمستهلك و توقيف خدمة على تقديم خدمة أخرى أو على شراء منتوج وجها من أوجه استغفال المستهلك. و لن نبالغ القول أن الحظر المذكور وفق ازدواجية الامتناع و التوقيف يخدم في الأصل المنافسة في حد ذاتها، أما حماية المستهلك فإنها تأتي في المرتبة الأخيرة من القانون.
الأكيد أن قانون حرية الأسعار و المنافسة قد باعد بينه و بين المستهلك، لو تم مقارنته بقانون تنظيم الأثمان و مراقبتها و من المؤكد كذلك أن لا شيء في الواقع يجعل منه قانونا يعمل على تطوير أداء الاقتصاد الوطني و دليلنا على ذلك هو الارتفاع الكبير وطنيا لمختلف المنتوجات و البضائع و الخدمات لأن الآليات المعتمدة لتفعيل مواد هذا القانون أصبحت عاجزة عن وقف هذا المد الجنوني لهذه الارتفاعات و أعني بها أجهزة المنافسة الممثلة في مجلس المنافسة و في القانون في حد ذاته.
إن الحاجة ملحة لإخراج قانون حماية المستهلك إلى حيز الوجود إلى جانب قانون المنافسة و ذلك من أجل حماية الطرف الضعيف في العملية” المستهلك” و إعادة الاعتبار لمن أوكلت لهم مهام المراقبة حتى يعود للسوق الطمأنينة و السلام و في ذلك”فليتنافس المتنافسون”
Janati Abderrahim