مما لا شك فيه أن الإدارة المغربية عرفت محاولات إصلاح كثيرة بهدف جعلها مواكبة للتطورات السريعة التي يعرفها المجتمع المغربي،وكذا لجعل آليات التدبير و التسيير بعناصرها العديدة و المتعددة(البشرية و المادية و المالية…)متجاوبة هي الاخرى مع متطلبات التنمية و من تم و باعتبار تداخل المعطيات و ترابطها فإن رقي الإدارة و تطورها رهين بتفعيلها للقوانين الجاري بها العمل في احترام تام للمشروعية و الأهداف المسطرة .و يعتبر ضمان حقوق الأفراد و حمايتها من القواعد الأساسية التي يجس بها نبض تقدم الدول و رقيها و الأكيد أن وضع قيود على السلطة التقديرية للإدارة يتأسس وفق إقامة كفة المصلحة العامة و مصلحة الفرد أو الأفراد في ميزان الموازنة بين المنافع و الأضرار و جعل كفة تكييف الوقائع و تقييمها لا ترزح عن مفهوم الحياد.
لقد دفعني هذا الموضوع إلى طرح موضوع القرارات الإدارية إلى التأكيد المسبق أن السلطة التقديرية للإدارة لا يمكن التصرف بها وفق معيار “الإدارة الحرة ” و هو ما يجعلنا نطرح في موضوعنا هذا معنى القرار الإداري؟
و في طرح ثاني نعرج على المرسوم 2.78.157 بتاريخ 11 رجب 29,1408 ماي 1980 الذي يعطي الحق لرؤساء المجالس الجماعية في إغلاق المحلات المرخص باستغلالها بوصفه شرطة إدارية و ذلك من أجل تنفيذجميع التدابير الرامية إلى استتباب الأمن أو ضمان سلامة المرور و الصحة الداخلة في اختصاصاته الشيء الذي يجعلنا نسائله و نضع له أسس تقييمية هدفنا من وراء ذلك الإدلاء بدلونا في موضوع يثير عددا من النقاشات.
1-السلطة التقديرية للإدارة و القرار الإداري
١- السلطة التقديرية للإدارة
يجب التأكيد بداية أن مبدأ فصل السلطات هو حجر الزاوية للاختصاصات المحدد ضمن نطاق القوانين المعمول بها إلا أن الإدارة و هي بصدد القيام بعمل ما تجد نفسها مضطرة لإصدار قرارات إدارية بفعل فراغ ما في التركيبة القانونية التي تدخل في نطاق اختصاصها و هو ما يسمى بالقرار الإداري الحر المصطبغ بالشرعية و متوفر فيه مقومات القرار الإداري القابل للتنفيد و التام الأركان تفصح فيه الإدارة عن إرادتها المتفردة و الملزمة لإحداث أثر قانوني أو تعديله أو إلغائه
و شروط هذا القرار يمكن إجماله في التالي:
– أن لا يكون غير مشروع.
– أن لا يشوبه عيب من عيوب الشكل أو عيب الاختصاص
– أن لا يكون معيبا بالإنحراف في استعمال السلطة.
فيكون القرار بذلك مرتبط بتطبيق قاعدة قانونية بصياغة تتأسس وفق ما سبق الإشارة إليه و بطريقة مرنة تجعل الإدارة تتصرف وفق سلطة تقديرية بضوابط قانونية و هو ما يصطلح عليه عادة بالملاءمة أي ملاءمة الإدارة لأعمالها و ذلك في ظل مفهوم الصالح العام و تحت يافطة القانون و حماية المشروعية.
٢-السلطة التقديرية المقيدة
تمييزنا للسلطة التقديرية التي تمتلك فيها الإدارة حرية التصرف كما سبق الإشارة لذلك والسلطة التقديرية المقيدة يخضع لضابط المشروعية وفق ما جاء في الأحكام القانونية التي تحدد بدقة العمل الواجب الشروع في صلب القرار الإداري بحيث تعتبر الجوانب المقيدة في هذه السلطة هي الأساس الذي يعتد به من أجل تحقيق المصلحة العامة و ممارسة السلطة التقديرية سواء كانت مقيدة أو غير مقيدة تخضع للعناصر التالية:
– الهدف: بالتأكيد أن الغاية التي تتوخاه الإدارة من وراء إصدار قرار ما (مغير-معدل أو متمم…) تهدف منه المصلحة العامة أو الخير العام فالغاية من إغلاق مقهى مثلا هو عدم احترامها للقواعد الصحية فالهدف الذي ترتضيه الإدارة من وراء ما قامت به هو حماية المستهلك لكن إذا كان الهدف غير ذلك نكون أمام إنحراف أو شطط في استعمال السلطة و بالتالي نكون أمام زيغان للهدف و بالتالي يصبح القرار غير مشروع.
-النية أو الإدارة:
عندما تتجه نية الإدارة لإصدار قرار تام الأركان و تفصح فيه عن إرادتها المتفردة و الملزمة فإنها تحدث أثر قانوني سواء بالتعديل أو الإلغاء.
-السبب:
إن اتخاذ أي إجراء قانوني ضمن قرار إداري لا بد له من مبرر أو واقعة اقتضت لإصداره و هذا الركن هو الذي يبرر القرار بحيث أن الإدارة لا يمكن لها إصدار قرار بدون سبب مادي صحيح قانونا و واقعا هدفه المصلحة العامة.
– المحل:
إن التقيد بالقواعد القانونية في إصدار القرار الإداري هو الذي يحدد لنا التصرف الاداري الجائز قانونا و المحل هو ما يعبر عنه بمضمون الأثر القانوني إزاء واقعة معينة.
– الشكل:
هو المظهر المرتبط بالقرار و الذي يصبغ على هذا الأخير صفة المشروعية بارتباط مع المصلحة العامة و الشكل هو الذي يحدد الإجراءات الملزمة و المتطلبة قانونا.
-الاختصاص:
ليس هناك أي تأويل فيما يتعلق بهذا الركن فعنصر الإختصاص محدد قانونا و يمكن تعريفه كالتالي: الآلية القانونية التي تسمح بالتصرف و لا يتعارض مع مبدأ التفويض إذا أقر القانون ذلك.
2-القرار الإداري القاضي بإغلاق المحلات التجارية للسلطة التقديرية المقيدة للإدارة
– المرسوم رقم2.78.137 و نوع الإجراءات الواجبة اتخاذها من طرف رئيس المجلس الجماعي
بداية يجب التأكيد أن إصدار رئيس المجلس الجماعي لأي أثر ينفد به تلقائيا التدابير الرامية إلى استتباب الأمن و ضمان سلامة المرور و المحافظة على الصحة العمومية رهين بتطبيق مقتضيات مرسوم26 ماي 1980 و أن عدم تطبيق مقتضياته يجعل القرار مشوبا بعيب مخالفة القانون مما يعرضه لإلغاء بالتجاوز باستعمال السلطة.
إن مثل هذه القرارات كما سبقت الإشارة إليه في موضوعنا تدخل في خانة القرارات الجزائية المؤدية إلى العقوبة الإدارية. و من تم فمن المحتم قبل الاقدام على اتخاذ مثل هذه القرارات تسببيه من الناحية القانونية و الواقعية وذلك من أجل التحقق من الأسس التي تم الاعتماد عليها و إضفاء عليها صبغة المشروعية بل و الباس القرارات الإدارية السند و الدافع من ورائهايجعلها من الناحية الشكلية صحيحة واقعا و قانونا.
إنه و إن أجاز القانون لرئيس المجلس الجماعي أن يصدر بعد أن يرفع إليه تقرير كتابي من المصالح الجماعية المختصة بشأن ضرورة نوع الإجراءات الواجب اتخاذها فإنه يقيدها بمجموعة من الإجراءات و التي سوف نعلق عليها ضمن هذه العجالة في النقط التالية:
– – إشعار أو إنذار المخالف و ذلك بأن يتخذ في أجل معين التدابير الملقاة على عاتقه اللازمة لجعل حد للإخلال بالأمن أو للقضاء على كل ما يلحق ضررا بالسلامة.
– يحدد القرار صراحة و حصريا نوع التدابير المذكورة
– تحديد مهلة على حسب درجة الخطورة
– – منازعة في القرار من طرف المخالف:
قصد إعطاء كافة الضمانات القانونية للمخالف فقد خول له القانون إمكانية المنازعة في القرار عندما يريد المعني بالأمر القيام بذلك عليه أن يصرح للمصالح المختصة خلال أجل أربعة أيام تبتدئ من تاريخ تبليغ المقرر و أن يعين خبيرا لهذا الغرض ليتم النظر في كل التدابير المقررة و ذلك بحضور فعلي لممثل للمصالح الجماعية الذي يعمد إلى تقرير للموضوع يضمنه استنتاجاته و على ضوء هذا التقرير الجديد يتخذ رئيس المجلس الجماعي مقررا جديدا بالشكليات المشار إليها أعلاه يؤكد أو يغير اتخاذها الأجل المعين للتنفيد ثم يتم إبلاغ المخالف بذلك بواسطة محضر على يد المصالح الجماعية أو بوسائل تبليغ المعروفة و لا يمكن العمل على التنفيد التلقائي للتدابير المقررة اتخاذها إلا في حالة ما إذا أثبتت المصالح الجماعية أن المخالف :
-لم ينفد في المهلة المذكورة في المقرر التدابير الواجب اتخاذها.
– -في حالة إذا ما نازع المعني بالأمر في ذلك دون تعيين خبير.
و للإشارة فإن مقررات الرئيس كي تكون قابل للتنفيد على أرض الواقع يجب التأشير عليها من طرف عامل الإقليم أو العمالة عملا بالتفويض المستمر المخول لهؤلاء من طرف وزير الداخلية أو رفضه ابتداء من تاريخ تسلم مقرر عامل الإقليم أو العمالة خلال أجل لا يتعدى ثمانية أيام و ينتقص هذا الأجل إلى أربعة أيام فقط في حالة التعجيل لجعل حد للإخلال،و يعتبر عدم اتخاذ مقرر في الأجلين المذكورين بمثابة موافقة.
إن حيادة المرفق العمومي مظهرا من مظاهر الاستمرار و واجبات الآليات المسيرة لهذا المرفق تقتضي اعمال المقتضيات
القانونية بالدقة المتناهية في إطار علاقة مفتوحة مبنية على دعم
أخلاقيات المرفق.
Janati Abderrahim